كيف أحب نفسي ناعمة الهاشمي

 مقال دافيء نشرته ناعمة الهاشمي في عام 2009، تقول فيه: 


يعج المحيط من حولنا اليوم، بالكثير من الصخب والصراعات، فهناك من يتنافسون، أو يتصارعون أو يحاولون جاهدين تحقيق بعض الانتصارات هنا أو هناك، وأحيانا على حساب الآخرين...


الجميع في حالة من الصراع أو السبق، سواء يعرفون ذلك أو أنهم لا يعرفون، في كل مكان من هذا العالم، وفي كل لحظة من لحظات الحياة، إنها طبيعة الإنسان، وأنت مثلك مثلهم، تجدين نفسك فجأة في خضم صراع ما، بإرادتك تارة وبغير إرادة منك تارة أخرى، بل حتى ربما لا تعرفين متى وكيف أصبحت جزءا منه.


الإنسان طاقة، ويجب أن يحافظ على تلك الطاقة ليعيش حياة ذات جودة حقيقية، 

يجب أنْ تتوقفي للحظة أمام ذلك الصخب أيا كانت ساحاته:

في البيت

في العمل

في المدرسة أو الجامعة

في الشارع

في الأسواق

في المقاهي

في كل مكان من هذا العالم،

قفي للحظات وتأملي هذا الصخب من حولك ...

لماذا يفعل الآخرون ما يفعلون ؟!

وماذا تراهم يريدون ؟!

هل يفعلون ما يريدون فعله فعلًا؟!

أم تراهم يفعلون ما يريد الأخرون منهم فعله؟!

أو ما يعتقدون أن عليهم أن يفعلونه؟!

قفي لحظة صمت وتنفسي الصعداء

هل تفعلين اليوم كل ما كنت تريدين أنْ تفعلينه ذات يوم !!!!

هل تقومين بما تحلمين القيام به فعلًا؟!

ترى كيف كنت ستتصرفين لو كنت في وضع آخر أو مختلف؟!

ماذا كنت فعلت لو عاد الزمن إلى الوراء؟ هل كنت وصلت لنفس النتيجة؟

ما الدروس التي استفدت منها حتى الآن؟ 

هل بإمكانك إنقاذ ما تبقى من حياتك؟

هل لازالت لديك رغبات حرة طليقة قادرة على أن تعيش وتصبح حقيقة؟

هل لديك رغبات مكبوتة، لأسباب ما؟ ما هي؟ لماذا هي مكبوتة؟


ثم عودي إلى الواقع ... 

هل هناك أي اختلاف بين أحلامك وواقعك الحالي؟؟؟!!! 

أين ذهبت أحلامك؟ رغباتك؟ إراداتك؟ 

مالذي تحقق منها؟ 

ما الذي تخليت عنه منها لأنك اكتشفت أنها أحلام ساذجة؟ 

ما الذي تخليت عنه من أحلامك لأنها كانت مستحيلة بالنسبة لوضعك؟ 

ما الذي تخليت عنه من أحلامك لأجل عيني شخص آخر لم يكن يستحقك؟ 

هل هنا من فرصة أخيرة لمصالحة أحلامك وإستعادة منها ما كان وما زال يهمك؟

هل تحبين ذاتك بما يكفي لتحققين لها بعض الأحلام التي طالما تخلت عنها لترضيك أو ترضي أحبائك؟

قد تسمعين في أعماقك، صوتا ما يستخف طويلا بأحلامك؟ 

ذلك الصوت للأسف هو أسوأ ما يمكن أن يدمر علاقتك باذتك.

بعد هذه الرحلة العميقة، في حوار صادق مع الذات، ستصلين بالتأكيد إلى مكان ما، مكان سترين من خلاله، عالمًا شاسعًا، كبيرًا، مختلفًا يفتح أبوابه أمام عينيك،

وستكتشفين وجهًا جديدًا مختلفًا، ورائعًا للحياة، وجها كان لفترة طويلة خجولا مختبئا.

الحياة فيها الكثير من الأشياء الممتعة، لكن عقولنا كانت ولفترة طويلة تقصيها لأسباب كثيرة.

أشياء ممتعة وجميلة ورائعة، لم تذنب في حقنا، لكننا خاصمناها، وأعلنا ضدها الحظر.

ذلك لأننا اخترنا أن نضحي بها في سبيل اشياء أخرى نسميها خطأ أولويات، مثل أرضاء الآخر على حساب الذات.


إنْ كنت تعتقدين أنك لا تري من تلك الأشياء الكثير، فهذا لأنك مقيدة فكريًا، 

عليك أن تفتحي قلبك وعقلك على الحياة، على كل جديد، اسمحي لنفسك بالتأمل والتفكير.

لتكتشف كيف أنَّ الحياة في واقع الأمر مليئة بالكثير من الفرص الرائعة.

أعتقد أنك بحاجة إلى كسر الروتين ليس الروتين السلوكي

بل الروتين الفكري قبل كل شيء


الروتين الفكري هو ما يجعل الحياة مملة.

يستلم الناس لكل ما هو مسلم به، ذلك بالنسبة لهم أسهل من التفكير وإعادة التدبير.

لكن مع ذلك يستمرون طويلا في عيش حياة لا تناسبهم، واقتناء أفكار لا تمثلهم.


في زحمة كل هذه الصراعات، تبقي أنت ضعيفة مسلوبة الطاقة والإرادة، لكن ماذا لو كان لديك خريطة حياة، خريطة مسار، خريطة يمكنك المضي معها قدما؟


أنت لديك أحلام بلا خريطة، وفي غابة النزاعات والصراعات المتفاقمة بين الناس يصعب عليك الوصول لأهدافك، ماذا ستفعلين وأنت في غابة كثيفة من الرغبات والإرادات البشرية المتصارعة، وبعضها الشرسة، كالنباتات آكلة اللحوم قد يبتلعك في أية لحظة، كيف ستنقذين نفسك كيف ستصلين إلى حيث تريدين؟ 


تريدين بيت خاصا بك أنت وزوجك، لكن أم زوجك تريد أن تحكم سلطتها  على ابنها، تريدين ترقية في عملك، لكن مديرك يخشى تفوقك، تريدين شراء ثوب جديد لكنك تتحملين مسؤلية ديون والدك، تريدين دراسة الفنون الجميلة، لكن والدتك تريد أن تفتخر بك كطبيبة، تريدين إبنا مطيعا خيرا، لكن زوجك الذي هو والده يريده أن يكون سي السيد، ... إرادات تنازعك الفرص كل يوم وفي كل مكان...


هل لديك خريطة لأحلامك ؟

كيف ترسمين تلك الخارطة بينما من حولك يشتتون إنتباهك، أنت بحاجة إلى الإبتعاد قدر الإمكان، لفترة من الزمان، 


بالخريطة

إن كان معك خريطة جيدة لرغباتك، وعميق إراداتك، ورغباتك، فستصلين أسرع وبدون خسائر غالبًا، أو مع خسائر أقل، فهل لديك واحدة؟ من الصعب ان تضعين خريطة لأهدافك حينما تكون الرؤية عشوائية، ملبدة، غير واضحة أمامك، عليك أن تصفي ذهنك، وتتواصلي مع أعماق ذاتك، لكي تصبحين قادرة على فهم نفسك، والتخطيط الصحيح لمسار حياتك، ... 


 ابتعدي عن حقول الصراعات جميعا قدر المستطاع...

ماذا تفعلين حينما تشتد الرياح في الخارج، بالتأكيد تدخلين إلى منزلك، تغلقين الأبواب والنوافذ جيدا، ثم تجلسين في مكان آمن، ...هكذا افعلي حينما تنهك زحمة الإردات التي تعصف بحياتك من كل الإتجاهات،

اتركي محيطك يموج بصراعاته وابتعدي أنت إلى خلوتك الذاتية، ابتعدي لفترة تجعل جميع التيارات العصبية القوية التي تؤثر بك منهم تختفي تماما، فتصفو لك الحياة، ويرتاح تفكيرك، ويهدأ ويبدأ نبضك في الإنتظام من جديد.


لا تجد طريقها إليك

اختبئي في مكان آمن كالبيت، كغرفة نومك أو سافري بعيدًا اختاري منتجعًا بعيدًا واختبئي فيه

هناك في مكان ما من العالم، اصمتي،

توقفي عن الاتصال بالآخرين أو الرد على اتصالاتهم

واصمتي فقط، اهدئي اهدئي فعلًا.

لأسبوع، أو شهر، أو حتى عام او عدة أعوام، المهم هو أن تجدي نفسك في نهاية المطاف.

وستفاجأك النتيجة، فقد تكتشفين أنك كنت تعيشين حياة لم تكن لك، وكنت تتبنين أفكار لا تمثلك، وكنت تلاحقين أحلام لم تكن يوما أحلامك، وليست في صالحك، ... ستكتشفين أخيرا من أنت؟


وأنت في خلوتك اسألي نفسك هذه الأسئلة المهمة:


ماذا يريد الآخرون منك ؟!!! وماذا تريدين أنت من نفسك؟!!!


أولًا اسألي نفسك هذا السؤال:

ماذا يريد الناس منك؟!

ماذا يريد المحيطين بك منك؟!

ماذا يريد أحباؤك منك؟!

ماذا يريد أهلك، أسرتك، عائلتك، زوجك، صديقاتك، زميلاتك، ... إلخ ماذا يريدون منك؟!

كوني صادقة لا تجاملي نفسك.

فكري ؟!!


ماذا يريد منك زوجك ؟؟! ماذا يريد منك أهل زوجك ؟؟!

ماذا تريد منك صديقاتك ؟!!

ماذا يريد منك مدير عملك؟!!

ماذا يريد منك زملاؤك ؟!!

ماذا يريد منك الموظفين ؟!

ماذا يريد منك أعداؤك ؟؟!!

ماذا يريد منك الخدم في بيتك ؟؟!!

ماذا يريد منك أبناؤك ؟؟!!

ماذا يريد منك العالم بأسره ؟!!!


بعد كل هذه الإرادات التي تحوم من حولك، كل تلك الإرادات بكل ما فيها من قوى وصراعات، كيف يمكن لإرادتك الضعيفة، أو الخائرة أن تفوز، وتحقق لك أحلامك أو طموحاتك؟! ثم أساسا هل لديك رغبات، إرادات، هل تعرفين ماذا تريدين أنت من نفسك؟


اسألي نفسك ماذا تريدين أنت من نفسك ؟!!

ماذا تريدين ؟!!!

هكذا ستفهمين أين تقفين أنت من كل هذا العالم الذي يحيط بك ...


بعد أنْ تسألي نفسك كل تلك الأسئلة

اسألي نفسك أسئلة أخرى

فالأسئلة ستساعدك على الوصول إلى حقيقة ذاتك وعمق العمق.


اسألي نفسك ما هو الأكثر أهمية يا ترى؟

ما يريده الآخرون منك؟

أو ما تريدينه أنت من نفسك؟

أحيانًا قد تجدين أنَّ رغبة الآخرين أهم مثل رغبات أطفالك، كبار السن الأعزاء على قلبك.

وأحيانًا ستجدين أنَّ رغبتك أهم من رغبة زوجك، او رغبات صديقاتك، أو حتى قريباتك.

وفي بعض مرات سترين أنَّ رغباتك أصلًا مكبوتة، يصعب عليك التعبير عنها، فما بالك بتحقيقها.


الكثير منها هي ليست رغباتك الحقيقية

أنت ترتدين ثوب الآخرين،

وتمارسين رغبات الآخرين،

وتعملين ما يريده منك الآخرون،

أنت لا تفعلين ما تريدينه أنت من نفسك!


فكري قليلًا،

فكري كثيرًا،


واكتشفي الحقيقة.


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تحبين نفسك ناعمة الهاشمي